هشام الشواني يكتب :
إن تمثيل الناس لأنفسهم يحتاج في كثير من الأحيان للمراجعة، هذا جوهر إشكالية المجتمعات المستعمرة فقد مثلت نفسها دوما عبر موروث المستعمر وطريقته ظنا منها أن هذا التمثيل هو الحق والمطلق، المستعمر في بلادنا قسمنا منذ مجهود هارولد ماكمايكل لقبائل وقسم القبائل لأعراق، فصنع العرب والزنج والنوبة والبجا وغيرهم على أساس أنها أعراق من سلالات بداخلها تتوزع القبائل، هكذا وبنص تأسيسي واحد وسطحي أقحمت كل المجموعات داخل هذا التصنيف.
مشكلة هذا التصنيف الجامد المطلق هو إقصاء التاريخ والتفاعل وظرف الزمان والمكان والحياة الملموسة التي تعيشها هذه المجموعات وهذا الإقصاء هو حرمان من كونهم بشر يعيشون في الزمن فيتحولون لكائنات قادمة من الماضي، خارجة من المتاحف بذاكرة الهنود الحمر وقدامى الاستراليين، ويصبح علم الأنثربولوجيا والاثنوغرافيا وهي علوم تطورت مع عصور استعمارية هي العلوم الوحيدة لمقاربة هؤلاء الأغراب أنصاف البشر أو لنقل البشر المختلفين.
هذه العملية الثقافية ترسخت بعمق ونجد الكثيرين يدافعون عن هذا التمثيل الاستشراقي الجزافي، نعم للقبيلة دور وللموروث دور عظيم وللهوية أصل وتأثير، ولكن يجب أن نعبر عنها ونتمثلها بطريقة جديدة متجاوزة لمارسخ من المستعمر فلا نحول أنفسنا لكائنات قادمة من المتحف معتزلة للتاريخ تعبد الفولكلور ولها يوم تسميه الأمم المتحدة: يوم الشعوب الأصيلة وبالطبع مقصود بذلك الشعوب التي تجاوزها الزمن.
هل نرغب بذلك حقا؟ هل نحب أن نكون من الماضي ونترك السياسة والاقتصاد والجغرافيا السياسية المتصارعة من حولنا فتتكالب علينا من جديد القوى الاستعمارية فتجدنا مرهقين من معارك الفولكلور
هل نريد ذلك حقا؟ هل سنتحول بمحض إرادتنا لهنود حمر؟